الدوله : الجنس : عدد المساهمات : 1025 24/05/2009 نقاط : 16991
موضوع: حبال الكذب تتدلى من المشانق... 7/31/2010, 3:32 pm
بسم الله الرحمن الرحيم السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عشت السنوات الماضية من حياتي ..بعيدةً ما أمكنني البعد عن الناس..لا أزور ولا أٌزار..قانعةً بما كتبه الله علي..متطهرةً تماماً من جميع أنواع الطموح..مادياً كان أم معنوياً.
وقد جربت مؤخراً ما قد يكون غيري من الحكماء قد جربه من قبل..وهو أن أعطي دون أخذ..وأن أغفر فلا أنتقم..وأن أتظاهر أمام (الكاذب)بأنني المصدقة لما يقول..وأن أرضى لنفسي بأن أكون أنا (المحبة)..حتى وإن لم أكن أنا(المحبوبة)..وأن أقاسم الغير رغيفي..وجزءاً من راتبي الشهري مهما يكن ضئيلاً أحياناً..وأن ألبي الرجاء لكل من تقدم به إلي..وكان بإمكاني أن أحققه له من أجل إسعاده...
وقد وصل بي الأمر إلى حد أنني كنت أتظاهر أمام الكاذبين المخادعين بأنني (المخدوعة)حقاً...وبأنن� � لست على علم قط بحقائق وأسرار مخادعاتهم الخفية..
إلا أن التجربة هذه التي لم تعمر سوى شهور قليلة..كانت فاجعة في نهايتها . فقد كشفت لي عن الخطأ الفادح الذي قد يرتكبه الأنقياء الصادقون الكرماء الطيبون حين يساهمون في رعاية وتكريم الثعابين المرقطة من ذوات الجلود الملساء..بتقديم العون تلو العون المعنوي والمادي إليها ..فإذا بها تنمو على حساب هؤلاء الحكماء الكرماء الطيبين..وإذا بمخازن السم في نفوس الثعابين الملساء الناعمة هذه تصبح مترعة بالسم على نحو مضاعف..وإذا بهؤلاء الحكماء الكرماء الطيبين هم في النهاية الضحايا الشهداء في غاب العصر الذي لا ينجو فيه من الثعابين سوى الحذرين..
كذلك كشفت لي التجربة المأساوية هذه عن اقتدار عظيم ..وهبه الله إلى بعض الناس من الذكور والإناث على ممارسة غواية الكذب الذي اعتادوا على أن يستخدموه في تعاملهم مع ذويهم وأصدقائهم وأعدائهم ومع أنفسهم أيضاً..فلا ينجو أحد من جميع هؤلاء من كذبهم على الإطلاق..
وهو أمر ضار ضرر الجناية والجريمة..ولا طريق للنجاة من هذا الضرر والأذى إلا بالابتعاد فوراً ونهائياً عن هذه الفصيلة من محترفي الكذب والمخادعة الذين غالباً ما يكونون _إن هم كانوا من جيل الشباب اليافع_ ضحايا للبيئة الاجتماعية التربوية التي ترعرعوا فيها ..أو ضحايا لآبائهم أو أمهاتهم الذين سبقوهم إلى ممارسة عادة الكذب هذه الذميمة المدمرة للمناقب والمثل العليا ولأخلاقيات العلاقات الأسرية والاجتماعية.
وهكذا فقد ينشأ الابن على محاكاة سلوك أبيه في ممارسة هذه العادة الضارة التي يصعب بعد سن الرشد علاجها.
وقد تنشأ الابنة على عادة تكرار ما كانت تسمعه وتشهده من مظاهر سلوك أمها وهي تكذب على زوجها وأقربائها وأولادها من بنات وبنين..وتفعل في السر ما تخفيه بالكذب في العلن..
وبذلك قد يتحول منزل الأسرة إلى مصنع لتفريخ الكاذبين من البنين..والكاذبات الفاسدات من البنات..الذين واللاتي بدورهم وبدورهن سرعان ما ينجبون وينجبن "كتاكيت بشرية" مرشحة بالعدوى التربوية الوراثية للإصابة بهذا الداءالعضال الذي نسميه "الكذب"..والذي بسببه نرى اليوم بعض الزوجات يكذبن على أزواجهن .. وبعض من البنات يكذبن على آبائهن وأمهاتهن..وبعض الصديقات يكذبن على صديقاتهن وأصدقائهن كذباً له أول وليس له آخر.. وكثير من الموظفين يكذبون على رؤسائهم .. والكثيرون من العمال يكذبون على قياداتهم..إلخ..
وقد تعرضت بدوري مؤخراً .. بالرغم من حرصي منذ طفولتي على ممارسة عادةالصدق مع نفسي ومع الآخرين في كل الأحوال والظروف.. لتجربة "التعامل المباشر" مع نموذج من هذه النماذج الناعمة الكاذبة الخطيرة التي نشأت في مناخ عائلي يرى في "الكذب" (شطارة) ..ونوعاً خارقاً من الذكاء البطولي.. وحاولت بكل الحنان والرفق ..إقناع هذا النموذج الكاذب المريض المسكين (الطيب في أساسه وهو جنين قبل أن يولد).. بأن الصدق مع النفس ومع الآخرين أفضل من الكذب .. وبأن الكذب نوع من أنواع الدعارة وليس نوعاً من أنواع الشطارة.. وبأن الفوز بتحقيق هدف عن طريق الصدق والحق والوضوح..أمتع للضمير ألف مرة من الفوز بتحقيق هذا الهدف عن طريق الكذب واللف والدوران والمخادعة.. إلا أن جهودي باءت جميعها بالفشل ..وتأكد لي أنه لا أمل يٌرجَى من جهود يصرفها حكيم طيب في سبيل تحويل إنسان وهو فاسد ..فطر على عادة الكذب والمخادعة ..إلى إنسان صادق مستقيم .. ومثلما يستسلم العاقل إلى القبول بحتميةالموت..استسلمت بدوري إلى بأسي العميق من إمكان تحويل إنسان كاذب إلى إنسان صادق..وإلى اعتبار هذا الإنسان الموبوء بداء الكذب ..غريباً عن عقلي وعن نفسي ووجداني..وعن جسدي وآمالي..غير جدير لا بالعطف ولا بالود ولا بالحب ولا بالتقدير.. وكنت...وكان... وكان... وكنت...ثم اكتشفت بعد شهور أنني ما كنت سوى مخدوعة ..وأن نعومة جلد الثعابين لا تعني لطفها..ولا تعني أنها طيبة أو وديعة..وأن أخطر الشياطين من البشر هم هؤلاء الكاذبون ممن تسترت وجوههم بمسوح الرهبنة..وبملامح الملائكة المزورة..الذارفة عيونهم أحياناً كثيراً من الدموع.. على أنني ..مع ذلك..بقيت فترة غير قصيرة أحاول إصلاح هذا الإنسان الناعم المفطور على الكذب والمخادعة..على أمل أن ينتعش في وجدانه ..ضميره المريض.. إلا أن الأحداث تلو الأحداث أكدت لي أن الضمير لا يٌبعَث حياً بعد أن يٌقتَل ويموت.. وأن الصدر أحياناً يتحول إلى قبر للضمير.. وأن من العبث الاستمرار بإقامة علاقة حب أو ود أو صداقة مع إنسان كذوب ..ذكراً كان أو أنثى..ناعمة جاذبة خادعة وقد ودعته دون أن أخدعه .. ودون أن أكذب عليه .. ودون أن أعاتبه .. ودون أن أقسو عليه.. أبلغته بقراري بانفكاكي عنه نهائياً...وبأنني عائدة إلى عالمي...عالم الصمت والطهر والتأمل... والصدق مع النفس ومع الآخرين.. وها أنذا بعيدة عن عالم الكذب والمخادعة والدجل ..أعود سليمة إلى ذاتي معافاة من آثار التجربة المفيدة ..أقرأ فأفهم جيداً ما أقرأ.. أستمع إلى الموسيقى..فتسمو مشاعري..وتغرق في الرضى والغبطة نفسي.. وأكاد أتحول أحياناً إلى طائر حمام أبيض الريش ..يحوم فوق الأرض والبحر والنهر والبشر والشجر .. وأنا أشعر بأنني سابحة في نعيم السلام والسكينة..وأنني مع الله .. وأن الله معي.. مدركة أن ما هو حقيقي وصادق طاهر نظيف..هو الأبقى وهو الأقوى في كل الظروف.. وأن الأفضل إن لم تتمكن من إصلاح إنسان فاسد ..تورطت بإقامة علاقة به..أن تنجو بنفسك من مناخه الملوث بسموم الكاذبين ..لأن هذا المناخ الملوث هو الجحيم .. ولأن الجنة هي في داخلك أنت.. إن تكن أنت حقاً من الطيبين الصادقين.. فلا تصدق كاذباً ..ولا ترتبط بأنثى كاذبة..إن شئت أن تكون من الناجين من حبل الكذب وهو قصير حتى إن يكن بطول سور الصين. وأسأل الله أن يسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض عليه. وأن يعافينا مما ابتلى به الكثيرين ..
.................... مما رق لى فنقلته ..........
chentouf
الدوله : الجنس : عدد المساهمات : 2014 الميلاد : 29/10/1978 30/04/2011 نقاط : 21803 العمر : 46 الابراج : العمل/الترفيه : تصليح الأجهزة الإلكترونية السمعيةوالبصرية
موضوع: رد: حبال الكذب تتدلى من المشانق... 6/21/2011, 1:46 pm