الطفلة فقدت النطق بســـــبب انفصـــــال والديهــــا
الطفلة فقدت النطق بســـــبب انفصـــــال والديهــــا
الطفلة فقدت النطق بســـــبب انفصـــــال والديهــــا
الطفلة فقدت النطق بســـــبب انفصـــــال والديهــــا
رست
سفينة حياة الزوجين علي أعتاب المحاكم وتفاني كل منهما في قهر وإذلال
الآخر والزج به إلي التهلكة لتدفع صغيرتهما البريئة الثمن الغالي, فلم
يحتمل قلبها الرقيق الصراع علي ساعات رؤيتها بين والدها وجدها.
وكل منهما يشد ذراعها لجذبها نحوه والفرار بها, وفي سرعة البرق ذهب صوتها بلا رجعة وفقدت النطق ليسود الصمت حياة الصغيرة إلي الأبد.
تحول العش الهاديء إلي حلبة للصراع وساحة للشجار والتربص لتوجيه الاتهامات
والثورة لأتفه الأسباب, فهو مهندس مرموق يتقلد وظيفة مميزة وهي طبيبة دأبت
مداواة جراح مرضاها بينما تسببت في جلب علة لصغيرتها ومرض سلبها صوتها
العذب, وفشلت في ضمد جراح فلذة كبدها منذ اليوم الأول لزواجها تناسيا أن ما
يربط بينهما هو المودة والرحمة, وراح كل منهما يضع شهادته الجامعية علي
صدره ووظيفته المرموقة تاج فوق رأسه ويحاول فرض سطوته علي الآخر ودبت
المشاجرات وسكن الصوت العالي العش الهاديء, وفر الحب من النوافذ ورحلت
السكينة والتفاهم إلي حال سبيلها, أما الاحترام فقد ذهب إلي مثواه الأخير,
وخلدت الكراهية والبغضاء وسلاطة اللسان في البيت الصغير وكأن كلا منهما
تزوج الآخر ليزهق روحه, فهو رب الأسرة تلفح بالبخل ولماذا يتحمل مصروفات
المنزل بمفرده, وهي طبيبة تتكسب المال من مصادر عديدة ووالدها ثري ولديه من
متاع الدنيا الكثير وماذا يحدث له إذا أنفق ببذخ علي ابنته وزوجها واشترط
عليها بعد أيام قليلة من الزواج أن تقاسمه مصروفات المنزل واشترطت هي
الأخري أن يشاركها الأعمال المنزلية وباتت حياتهما الزوجية كراسة من الشروط
والمواصفات, وبدأ الخلاف بينهما يتسع عندما دفعتهما ظروف عملها إلي المبيت
مرة كل أسبوع داخل المستشفي فهو في تلك الليلة لا يجد أحدا يتشاجر معه
ولماذا يرتاح الجيران ليلة واحدة من سماع الصوت العالي والسب بأفظع الألفاظ
وتكسير الأطباق الزجاجية ودفع الأبواب بشكل يزلزل جدران العمارة بأكملها
وركبت رأسها أمام عناده وأصرت علي أداء رسالتها وتحول الحب إلي ضرب
بالأيادي وركل بالأقدام واشتعلت نيران الحرب في المملكة الصغيرة حتي قررت
الزوجة إقامة دعوي خلع أمام محكمة الأسرة بالخليفة وتنازلت عن كل حقوقها
المادية والشرعية حتي مصروفات صغيرتها تنازلت عنها وتركت له شقة الزوجية
بكل ما فيها من أثاث وكادت تدفع له أموالا نظير ألا يقع بصرها عليه مادامت
كانت علي قيد الحياة, وأقام هو الآخر دعوي رؤية وقررت المحكمة تمكينه من
رؤية صغيرته لمدة ساعتين في الأسبوع في أحد الأندية الاجتماعية بالمقطم
وكان الجد يصطحب الصغيرة كل أسبوع لتنفيذ حكم الرؤية, والأب يمتنع عن
الحضور ودام ذلك الحال لمدة أربع سنوات, وفي إحدي المرات حضر المهندس لرؤية
صغيرته وطلب من جدها أن يصطحبها معه لأداء الصلاة في المسجد داخل النادي,
واعتقد الجد أن السماء استجابت لدعواته والهداية طرقت باب والد حفيدته,
واستغل المهندس انشغال الجد في أداء الصلاة وهرب من باب آخر في المسجد
وحاول دفع الصغيرة بالقوة داخل سيارته, إلا أن أصوات بكائها وصراخها اخترقت
أذن جدها داخل المسجد وهرول لإنقاذ حفيدته, وكان المشهد أقسي من أن يوصف..
الصغيرة تقف في الشارع والأب يمسكها من يدها, والجد من اليد الأخري, وكل
منهما يحاول جذبها نحوه بالقوة والاستئثار بها والصغيرة تصرخ من الألم
المبرح في ذراعيها حتي تركها والدها وقد انتابتها حالة هيسترية من الصراخ
وطرح جدها علي الأرض وانهال عليه ضربا بحذائه وركلا, ثم أخرج عصا حديدية من
سيارته وانهال بها علي جسده حتي سالت منه الدماء والصغيرة ترقد علي جسد
جدها وتصرخ بأعلي صوتها ليكف صاحب القلب القاسي عن ضربه حتي فقدت النطق
فجأة واحتضنها الجد بين ضلوعه برغم الدماء التي تنزف منه وطلب من المارة
الذين تدخلوا لإنقاذه الاتصال بابنته الطبيبة وكادت تفقد عقلها عندما شاهدت
ابنتها وقد عجزت عن الكلام وفقدت النطق وأباها علي شفا حفرة من الموت
وقامت بنقلهما إلي المستشفي, وجاءت تقارير الأطباء لتؤكد أن الصغيرة ليست
مصابة بمرض نفسي قد يفقدها الكلام لفترة محدودة, ولكنها أصيبت بمرض في
الحنجرة والأحبال الصوتية قد يعجزها عن الكلام أبد الدهر, ووضع الجد أمواله
تحت أقدام صغيرته وطاف بها بعض الدول الأوروبية للعلاج, وأكدت تقارير
الأطباء استحالة الشفاء لتدفع البريئة فاتورة انفصال والديها وأسرعت
الطبيبة إلي أمير إلهامي نوار رئيس نيابة الخليفة وحررت بلاغا ضد زوجها
واتهمته بإحداث عاهة مستديمة لطفلتها, وحرر الأب بلاغا مماثلا واتهم جد
الطفلة بالتسبب في مرضها وأخذت النيابة علي الطرفين التعهدات بحسن رعاية
الصغيرة وعدم تعريض حياتها للخطر.