."سويف": السيدة التى تم تعريتها أصبحت أيقونة ودمرت سمعة الجيش.
أهداف سويف
اهتمت صحيفة "الجارديان" البريطانية بتصاعد الأحداث فى مصر، وركزت بشكل خاص
على الفيديو الذى يظهر قيام قوات الجيش بضرب سيدة شابة وسحلها فى الشارع
وتجريدها من ملابسها.
وقالت الصحيفة، إن الفتاة التى ظهرت فى هذا التسجيل هى ناشطة لا تريد أن
تكشف عن هويتها لشعورها بالخزى من الطريقة التى تمت معاملتها بها، وفقا لما
يقولونه هؤلاء الذين كانوا معها وقت حدوث هذه الانتهاكات.
ونقلت الصحيفة عن حسن محمود، وهو صحفى من جريدة البديل، قوله إن السيدة
تعثرت بينما كانت تحاول الفرار من الشرطة العسكرية قبل أن يصلوا إليها
ويضربوها.
وأضاف أن الجنود كانوا يريدون أن يأخذوها بعيدا، إلا أن عدداً قليلاً من
المتظاهرين الشجعان جاءوا وبدءوا فى إلقاء الحجارة وكان هذا الشىء الوحيد
الذى أنقذها من بين أيديهم.
وتابع محمود قائلاً: إنه تم نقل تلك السيدة إلى مركز النديم لإعادة تأهيل
ضحايا العنف، قبل أن تعود إلى منزلها حيث قالت إنها تشعر ببؤس شديد نتيجة
الطريقة التى تمت معاملتها بها.
ويقول صحفى البديل، إن السيدة أخبرته أنه ليس مهما ما إذا كانت ستتحدث مع
الإعلام أو لا، ورأت أن قيامهم بتعريتها كافٍ لفضحه، أى الجيش، ويقول ما
يكفى لمن لا يزالون يصدقونهم.
من ناحية أخرى، تحدثت الكاتبة والروائية أهداف سويف فى مقالها بالصحيفة عن
هذه الفتاة، وقالت إنه قبل ست سنوات عندما بدأت الاحتجاجات الشعبية فى
الشوارع بعد تزوير نتائج انتخابات عام 2005، رد النظام ليس فقط بالقوى
الأمنية، ولكن بابتكار جديد وهو ميليشيات من البلطجية المدربين والأقوياء،
الذين ضربوا الرجال وأمسكوا النساء ومزقوا ملابسهن ولمسوهن، وكان الهدف من
ذلك هو الترويج لفكرة أن الإناث الذين شاركوا فى الاحتجاجات فى الشارع
يريدن أن يتم لمس أجسادهن، فردت النساء بتكتيكات مختلفة بارتداء طبقات من
الملابس الخفيفة ليس بها أزرار، ومارسن حقهن فى التظاهر، وانطلقت عدة
مبادرات مدنية صغيرة من قلب الحركة الاجتجاجية قادتها من النساء مثل
"شايفنكم"، و"ضد الفساد" و"الشوارع لنا".
وتمضى الكاتبة فى القول، إن مبارك ومعه عمر سليمان كانا قد حولا مصر إلى
مكان مفضل للولايات المتحدة لتعذيب الإرهابيين المشتبه بهم، وأصبح التعذيب
وباءً فى مراكز الشرطة، وأصبح تحرش بلطجية النظام بالنساء شكلا من أشكال
البلطجة السياسية، وازدادت معدلات التحرش بالنساء فى الشوارع إلى مستويات
وبائية.
وتتابع الكاتبة سويف قائلة، لقد ظل الأمر كذلك حتى ثورة 25 يناير، فمع حدوث
الثورة، جاء عصر "الشهامة"، فكان أحد الجوانب الملحوظة فى السلوك فى
الشوارع والميادين على مدار أيام الثورة الثمانية عشر هو الغياب الكامل
للتحرش، فأصبحت النساء يشعرن فجأة بالحرية فى السير فى الشوارع بمفردهن،
وفى التحدث إلى الغرباء وفى أن تلبس ما يروق لها، وأن تدخن وتضحك وتبكى
وتنام، وكانت مهمة كل رجل موجود هو الحماية والمساعدة، إلا أن الثورة الآن
فى صراع مع النظام القديم ومع الجيش، والنساء الشابات جزء من ذلك.
إلا أن سويف ترى أن ما لم يؤخذ فى الحسبان الآن أن سلاح "العار" الذى يلحق
المرأة أوالفتاة التى تتعرض للتحرش لم يعد من الممكن استخدامه، فعندما
أجريت ما تسمى بكشوف العذرية، قامت واحدة ممن أجريت عليهن تلك الكشوف
باللجوء إلى القضاء.
وختمت سويف مقالها بالقول إن السيدة الشابة التى ظهرت فى الفيديو اختارت
ألا تكشف عن شخصيتها، إلا أن صورتها أصبحت أيقونة، فمثلما أدى الوجه المشوه
من التعذيب لخالد سعيد إلى القضاء على أى مصداقية متبقية لوزارة الداخلية،
فإن فيديو هذه السيدة قد دمر سمعة الجيش.