.
...قصص الانبياء قصة سيدنا يوسف...
.
..سيدنا يوسف كان لسه طفل لما حلم بـ الشمس والقمر و 11 كوكب معاهم بيسجدوا ليه
الحلم دا كان رؤيا , بس هو كان لسه صغير على رؤيا عظيمة زي دي
راح لـ أبوه يعقوب علشان يحكيله الحلم ويسأله عن معناه , سيدنا يعقوب كان نبي وفوق كدا حكيم وفاهم , فكان من الطبيعي إنه يفهم إن دا مش مجرد حلم , وإن الرؤيا دي علامة مهمة بتأكد إن ابنه يوسف هيكونله مستقبل عظيم أو نبوة
فـ وصّاه إنه مايحكيش الرؤيا لـ أخواته , سيدنا يوسف سمع الكلام وماحكاش لإخواته حاجة , وأغلب الظن إنهم كانوا بيكرهوه لدرجة تخليه هو يخاف يحكيلهم حاجة ومايطمنش ليهم
أصل إخواته ماكنوش أشقاء , كانوا من أبوه بس .. سيدنا يعقوب كان متزوج واحدة جاب منها 10 أطفال , ومن بعدها إتزوج زوجة تانية جابتله يوسف وأخوه بنيامين
_
إجتمع اخواته الـ10 في يوم وقالوا لبعض احنا مجموعة قوية قادرين نجيب منفعة وقادرين نبعد ضرر
أبونا ملوش حق إنه يفضّل يوسف وأخوه علينا .. (إِذْ قَالُواْ لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلَى أَبِينَا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ) ..[ آية 8 : سورة يوسف]
من كتر الحقد الشيطان قدر يقنعهم بـ إن حل مشكلتهم هو انه يقتلوا أخوهم يوسف , أو يرموه في مكان بعيد وساعتها هيموت لوحده (إقتلوا يوسف أو اطرحوه أرضاُ) .. [آية 9 : سورة يوسف]
وبكده أبوهم شوية وهينساه وهيبقى حبه كله ليهم (يخلُ لكم وجه أبيكم)
بعدها بقى يبقوا يتوبوا عن الي عملوه ويبقوا ناس كويسين! ( وتكونوا من بعده قوماً صالحين)
واحد منهم قلبه أشفق على يوسف , أو إستكبر فعل القتل فخاف منه , قالهم وعلى إيه نقتله , احنا نرميه في بير ميّة , أهو أي حد معدّي هيشفق عليه فياخده معاه ونبقى خلصنا منه وعملنا الي احنا عايزينه .. وافقوا على الفكرة وراحوا يكلموا أبوهم
قالوله احنا هناخد يوسف معانا يلعب شوية ويشم هوا , أهو يغيّر جو ونقضي وقت حلو معاه ونجيبه ونيجي , سيدنا يعقوب كان عارف انهم بيحقدوا عليه وقلبه كان حاسس انهم ممكن يعملوا فيه حاجة , فـ رفض , قالوله معقول يكون يوسف اخونا وتخاف عليه وهو معانا!
عاتبوه وحاولوا يستلطفوه عشان يوصلوا للي هما عايزينه .. فـ رد عليهم إنه مش عدم إستئمان ليهم , بس هو مابيستحملش يوسف يبعد عنه , ده غير انه بيخاف عليه من الذئاب .. ممكن تعمل فيه حاجة وهما مش واخدين بالهم منه .. (قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ ) .. [آية 13 : سورة يوسف]
قالوله معقول بردو! داحنا 10 رجالة جامدين و مركزين , معقول اخونا يحصله حاجة واحنا موجودين ؟!
داحنا مانبقاش رجالة ونكون من الخاسرين
وافق سيدنا يعقوب تحت الضغط والإلحاح , عشان تتحقق المشيئة الإلاهية و تبتدي مسيرة "أحسن القصص"
_
اخواته أخدوه للصحرا وإختاروا بئر بيعدّي عليه ناس كتير , رموه في البير زي مااتفقوا ,, واخدوا القميص الي كان لابسه , دبحوا حيوان [يُقال إنه أرنب] واخدوا الدم بتاعه غرقوا بيه القميص
راحوا لأبوهم متأثرين اوي وبيعيطوا ,, قالوله داحنا كنا بنتسابق وسيبناه جنب الحاجة بتاعتنا , جيه ديب على غفلة و أكله
frown رمز تعبيري
.. بس انت مش هتصدقنا حتى لو كنا بنقول الحقيقة ! (وما أنت بمؤمن لنا ولو كنا صادقين) .. [آية 17 : سورة يوسف]
حقدهم عماهم عن إحكام الكدبة , ماهم لو مركزين ماكانوش عملوا كده من أول مرة يسمحلهم أبوهم بإنهم ياخدوه معاهم .. علشان يطمّنلهم على الأقل ويقدر يصدق انه كان غصب عنهم , بس هما كانوا مستعجلين انهم يخلصوا من يوسف , كانوا خايفين الفرصة ماتتكررش ومايعرفوش ياخدوه بعيد عن ابوه تاني , ده غير إن إستعجالهم خلاهم يستعملوا نفس الحاجة الي أبوهم كان لسه محذرهم منها! , وفوق كدا يُقال إنهم نسيوا يقطعوا القميص ! أخدوه زي ماهو كدا وغرقوه دم وخلاص ..
فـ بطبيعة الحال سيدنا يعقوب ماصدقش الكلام , اخد منهم القميص حطه على وشه وقعد يبكي بحرقة على ابنه الي مايعرفش حصله ايه , قالهم إن نفسهم الأمارة بالسوء هي الي حللت ليهم الحرام وزيّنتلهم الخبيث وأقنعتهم ان الي عملوه هيعدي على ابوهم بالساهل وانه هينسى ويصبر , فإستعان بالله عشان يصبّروا عليهم وعلى غلطتهم الكبيرة ( قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنفُسُكُمْ أَمْرًا فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ) .. [آية 18 : سورة يوسف]
_
سيدنا يوسف قعد شوية في البير لحد ما عدّت عليه قافلة كبييرة رايحة مصر , قافلة من كتر ما مشيت ربنا سماها "سيّارة" .. [من كثرة السير] .. حد منهم نزّل الدلو للبير عشان يجيب ميّة , سيدنا يوسف إتمسك بالدلو علشان يطلع معاه لما يسحبوه , الناس لاقوا الدلو تِقل فـ إفتكروه إتملى ميّة , سحبوه , لاقوا طفل , فـ بقى ملكهم زيه زي أي حاجة اي حد بيلاقيها , الي لقاه فرح بيه في الاول , وبعدها فكر في مسؤوليته وانه هيشيل همه وبعدين دا لسه صغير مايقدرش يعينه على حاجة , فـ زهد فيه , اخده كـ عبد وقال أول ما اوصل مصر هبيعه في سوق العبيد
فـ إشتراه راجل - شكله مهم- بمبلغ زهيد
_
الراجل الي اشترى يوسف كان شكله مهم , أغلب الظن إنه وزير من وزراء مصر , سمآه القرآن "العزيز" ويُقال إن أهل مصر زمان كانوا بيطلقوا الصفات على الوزراء حسب مكانتهم , فـ تلاقي العزيز والعادل والقوي وغيره
وأرجح الآراء إن العزيز دا كان رئيس الوزراء
ربنا زرع محبة يوسف في قلب العزيز فـ ما اتخذوش كـ عبد , بالعكس دا قال لمراته خدي بالك منه خلينا نربيه يمكن يبقى سند لينا لما يكبر او يبقى زي ابننا .. طبعا زوجة العزيز ماكنتش محتاجة تربي يوسف بنفسها , هما في قصر فيه خدم وحشم فكان من السهل إنه يتربى وسطهم , لكن الفكرة إن العزيز نزهه عن منزلة العبودية
_
سيدنا يوسف كان أجمل الناس في زمانه
وفوق كدا كان صفاء قلبه ونقاؤه الداخلي بيزيد وشه نور وجمال
ده غير انه كان بيحكم على الأمور صح , عاقل ومنطقي وكلامه موزون , عنده أسلوب في الحوار يخلّيه كل ما يتكلم لازم الناس تسمعله وترتاح لكلامه وتقتنع بيه , نبيل وعفيف لدرجة انه بقى شخصية انسانية متكاملة ماتتقاومش , أي حد يشوفها لازم يُعجب بيها
العزيز مع عِشرة يوسف عرف انه شخص شهم وأمين يُعتمد عليه , فـ علّى شأنه وخلاه مسؤول عن بيته وأكرمه وعامله زي ابنه
_
إبتدا الإبتلاء التاني من حياة سيدنا يوسف , المرادي الابتلاء كان أصعب وأشد
زوجة العزيز الي أكرمه ورباه وعاش في بيته كل السنين دي , عجبها سيدنا يوسف , جماله وكمال انسانيته خلتها تحاول تفتنه وتبقى عايزاه في الحرام
[أغلب الظن ان الست دي لما يوسف جيه البيت وهو لسه صغير كانت هي في العشرينات وهو حوالي 12 سنة مثلا
فـ لما كبر وابتدت تبان شخصيته وابتدا يكتمل جماله ووسامته بقت هي في التلاتينات وهو في العشرينات , فـ بقى هو في عز شبابه وهي في عز نضجها .. طبعاً الأرقام دي تقديرية , الله أعلم بالصواب لكن الغرض تقريب الفكرة مش أكتر ]
جت في يوم قفلت الباب عليهم هما الاتنين وقالتله مش هتهرب مني المرادي (هيت لك)
كلمتها دي تبيّن انه كان في مرات قبل كدا بقى , وفي كل مرة كان بيهرب منها او بيتجاهل تلميحاتها الجريئة
ده الي خلاها زهقت من التلميحات وتجاوزت التلميح للتصريح , فـ وصلت لقمة البجاحة وصارحته بحبها وحاولت تغريه بالقرب منها لعله المرادي مايهربش
قالها أستعيذ بالله إني أخون الراجل الي رباني ونجّاني من العبودية وأحسن تربيتي وجعلّي مكانة
فـ زادت في الإغراء وقربت منه وحاولت تنفذ الي هي عايزاه (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ) .. [آية 24 : سورة يوسف]
إتفق المفسرون على إنها همّت بالمعصية, وإختلفوا على هو هـمّ بإيه ؟
• في أقاويل إن الي منعه كان ظهور سيدنا يعقوب او جبريل قدامه فإفتكر ربنا وفاق وابتعد .. [ودي إسرائليات بعيدة شوية عن التصديق وفيها تهمة تلفيق]
• قيل إنه همّ بيها يعني حاول يضربها
• وقيل إنه همّ بالمعصية بس ماعملهاش , همّ بالمعصية "يعني مجرد نية" لأنه راجل مكتمل الرجولة وزيه زي أي راجل بتتحرك مشاعره لإغراء عظيم زي ده , لكنه ماعملهاش لأنه حط ربنا قدام عينه وإفتكر إنه بكده هيكون عمل ذنب كبير يتسببله في غضب ربنا عليه
• ويُقال إنه لولا انه عرف وأيقن ساعتها إن ده ابتلاء من ربنا كان ممكن يهمّ بيها بالمعصية .. وفي الحالة دي هيكون المقصود بـ( أن رأى برهان ربه) يعني عرف انه في ابتلاء
ولو فكرنا فيها هنلاقي ان أحد التفسيرين الآخرانيين هو الأكثر منطقية ,, لأن ربنا بيقول لإبليس (إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ) .. وإبليس نفسه معترف (إلا عبادك منهم المخلَصين)
وسيدنا يوسف كان من المخلَصين! .. (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ) .. [آية 24 : سورة يوسف]
بمعنى إن الشيطان أصلا مايقدرش يغوي يوسف ويقنعه بالمعصية .. بس مش معنى كدا ان سيدنا يوسف معندوش مشاعر رجولة ممكن تميل لإغراء زي دا
بالعكس ..دا إتعرّض لإغراء طويل بتلميحات وتصريحات من واحدة ذات منصب وجمال وقاوم كل ده وكان كل شوية يغلب نفسه الأمارة بالسوء ويوثّق اليقين جوا قلبه ويصبّر نفسه بإن ده إبتلاء من ربنا ولازم يصبر ويبعد عن أي حاجة تغضب الله
سيدنا يوسف حَب يخلص من الموقف قبل ما يتطور أكتر , فـ جري ناحية الباب بيحاول يهرب منها ومن اغرائتها
لكنها ماسكتتش , مسكت قميصه وحاولت تشده ناحيتها تاني , فـ إتقطع القميص في ايديها من كتر هول الموقف والشد من الطرفين
في اللحظة دي دخل العزيز! .. مكر النساء إقتضى انها تبعد عن نفسها التهمة فوراً وتلزقها في سيدنا يوسف
قالت لجوزها تعمل إيه في اللي يحاول ينتهك حرمة بيتك ويتعدى على زوجتك!
فـ إقترحت فوراً العقاب السريع المأمون الي يبعده عن القتل بس يربيه ويخليه ماينطقش بكلمة من الي حصل
قالت لازم تسجنه أو تعذبه عشان يبقى عبرة لغيره
سيدنا يوسف ما سكتش , دافع عن نفسه وحاول يقول الي حصل , قال هي الي راودتني عن نفسي وحاولت تغويني
القرآن ما ذكرش رد جوزها كان إيه , لكنه انتقل على طول لمشهد البراءة
إحتكموا لواحد من أهل البيت [ يُقال راجل عجوز] قالهم إحنا نشوف قميصه إتقطع من فين , لو كان إتقطع من قدام يبقى هي الي كانت بتحاول تبعده عنها , معنى كدا ان كلامها هي الي صح وهو الي إعتدى عليها
إنما لو كان إتقطع من ورا يبقى هي الي كانت بتشده من ظهره وإتقطع , ومعنى كدا انه كان بيحاول يبعد ناحية الباب وفي الحالة دي يبقى كلامه هو الي صح
فـ ظهر الحق وربنا أثبت برائته عن طريق حد من أهلها هي!
(فَلَمَّا رَأَى قَمِيصَهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ قَالَ إِنَّهُ مِن كَيْدِكُنَّ إِنَّ كَيْدَكُنَّ عَظِيمٌ) .. [آية 28 : يوسف]
إتأكد الزوج من خيانة زوجته , لكنه ما اتعصبش ولا اتنرفز ولا ضرب , ماعملش أي حاجة , أصل عادات وقيَم الطبقة الراقية الي هو كان من ضمنها [ بما إنه كان وزير أو في العموم من كُبراء القوم] , أجبرته على الإلتزام بالسكوت عشان الموضوع يعدّي وماتبقاش فضيحة , فأخد الموضوع بـ لباقة لدرجة انه اتهم كيد النساء -عموماً- إن هو السبب في كل دا , وإكتفى بـ إنه قالها استغفري لذنبك
إلتفت ليوسف وقاله سيبك من الموضوع دا كأنه ماحصلش (يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا) , اه ماهو دي اهتماماتهم في الطبقة دي , المحافظة على الظواهر وإهمال الحاجات البسيطة دي
قفّل العزيز على الموضوع وطلب منهم انهم ينسوه من غير حتى ما يفصل بين زوجته وبين يوسف , وإتهيأله إن كدا الموضوع هيموت ويتنسي ولا من شاف ولا من دِري
لكن كان الوضع أصعب من كدا بكتير , ماهو قصر مليان خدم وخادمات ومستشارين و وصيفات!
إبتدا الخبر ينتشر , وتناقلوه الخدم والخادمات لحد ماوصل للقصور المجاورة , فـ كان فضيحة مُسلية لستات الطبقة الراقية , ابتدوا يتكلموا عن زوجة العزيز ويقولوا شوفتي الي حصل! دي مفتونة بيه لدرجة انها عرضت نفسها عليه !
الكلام كِتر وانتشر لحد ما وصل لزوجة العزيز إن الستات في المدينة بيتكلموا عنها كدا
ماسكتتش .. ابتدا مكر النساء يشتغل تاني وقالت هخليهم يندموا على الي قالوه وأثبتلهم اني معذورة في حب يوسف
أمرت بـ إعداد عزومة كبيــرة وفخمة , جهزت المكان ووضبت القعدة وحطت جنب كل مقعد سكينة حادة
عزمت كل الستات الي اتكلموا عليها ..و في عز ماهما مشغولين بتقطيع اللحمة , نادت سيدنا يوسف وقالتله ادخل عليهم
دخل سيدنا يوسف فـ أول ما شافوه إندهشوا من وسامته فـ من غير ماياخدوا بالهم جرحوا ايديهم بالسكاكين الي ماسكينها , قالوا إستحالة يكون دا إنسان دا أكيد ملك مكرّم
[وكلمة ملك بتوضّح إنهم كان واصلهم او متسرّبلهم شوية حاجات من ديانات التوحيد , وإلا كانوا هيعرفوا الملايكة منين]
زوجة العزيز حست بالإنتصار والتشّفي فيهم بعد ردة فعلهم دي , فـ إبتدت تتكلم من غير اي خجل قدام ستات زيها , تتفاخر قدامهم إنها هي الي يوسف في بيتها , وصحيح إنه رفضها في المرة الأولى لكن دا مايمنعش انها هتحاول تاني وتالت .. يا إما يوافق يا إما هتتسبب في سجنه
الستات دول ماوقفوش عند الانبهار والانفتان بيه وبس , دول بقوا عايزين يغووه هما كمان , سواء كان اغراء بالكلام او بالحركات او حتى النظرات , وده عرفناه من حاجتين :
• إنه لما دعا ربنا قال (رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ) .. يدعونني مش تدعوني , واضح ان الاغواء كان من ستات كتير مش بس من امرأة العزيز
• قدام شوية في القصة هنشوف ان الملك سأل (قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِه) .. راودتن مش راودتي , فـ دل ده بردو ان المعزومات حاولوا يستخلصوه لنفسهم
في عز كل الاغراءات دي وتمسّك سيدنا يوسف بالعفة , كان الموضوع كل شوية بيبقى أصعب , كل شوية الاغراءات بتبقى اكتر وهو راجل في الاول وفي الاخر ودول ستات طبقة رفيعة فعندهم من المال والجمال الي يغري اي حد , ده غير انهم بيهددوه بالسجن او الايذاء لو ماسمعش كلامهم
هنا لجأ سيدنا يوسف لـ ربنا , ما إغترّش بـ عفته وانه قدر يعصم نفسه عن المعصية كل دا , ماقالش هعرف اتحكم بنفسي , هو كان عارف انه بشر ومفيش حد معصوم من الغلط
قاله يارب السجن أحب على قلبي من اني أنفذ الي بيطلبوه , بس انا خايف لو ما حَمتنيش منهم وبعدتهم عني أضعف قدام الاغراء المستمر دا وأعصاك . (قَالَ رَبِّ السِّجْنُ أَحَبُّ إِلَيَّ مِمَّا يَدْعُونَنِي إِلَيْهِ وَإِلاَّ تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُن مِّنَ الْجَاهِلِينَ) .. [آية 33 : سورة يوسف]
إستجاب ربنا لـ عبده الصادق , حماه منهم وبعد كيدهم عنه ..
• إما بإدخال اليأس على قلوب الستات وانهم قالوا خلاص دا مستحيل يستجيب
• أو بتثبيت سيدنا يوسف أكتر وتطمين قلبه وإبعاد الشهوات عن نفسه فبقى قادر يستحمل أكتر
• أو بالحاجتين مع بعض
_
كبراء الطبقة الراقية -وعلى رأسهم العزيز- ماقدروش يستحملوا الفضايح الي عمالة تحصل بسبب سيدنا يوسف ,, فـ اخدوا قرار انهم لازم يبعدوه , بإنهم يسجنوه
( ثُمَّ بَدَا لَهُم مِّن بَعْدِ مَا رَأَوُاْ الآيَاتِ لَيَسْجُنُنَّهُ حَتَّى حِينٍ) .. [ آية 35 : سورة يوسف]
دخل سيدنا يوسف السجن ظلم من غير محاكمة , بس كان داخل ثابت راضي , أقرب للفرح منه للجزع , لإنه خِلص من فتنة زوجة العزيز والي معاها , السجن كان بالنسباله مكان هادي يقدر يفكر فيه ف ربنا ويكلمه , يتأمل ويتفكّر ويدعو السجناء لدين الله بالعقل والاقناع والمنطق والاسلوب الليّن السلس
إبتدا المسجونين يرتاحوله ويتوسمه فيه الخير , بقت سمعته في السجن كويسة والناس كلها بتثق فيه وبتحبه ..
وفي يوم جاله اتنين مساجين , حلموا بأحلام غريبة فـ كان هو أنسب واحد يقدروا يثقوا فيه عشان يفسرلهم الاحلام دي
سيدنا يوسف طمنهم انه هيقدر يفسرهالهم , قالهم مافيش حاجة تشوفوها في المنام غير وهتلاقوني بفسرهالكم قبل ما تتحقق في اليقظة.. وقيل إنه ربط معاد التفسير بإنهم قبل مايجيلهم الغداء او العشاء بتاع السجن هيكون فسّرلهم رؤياهم .. (قَالَ لا يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلا نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكُمَا)
أصل ربنا أنعم عليا بالقدرة على تفسير الرؤى , كـ نعمة من ضمن نعم كتير ليا ولأبويا وأجدادي كرم من ربنا علينا عشان عبدناه بإخلاص من غير شركاء .. (ذَٰلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي ۚ إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ ¤ وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَائِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ ۚ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللَّهِ مِن شَيْءٍ ۚ ذَٰلِكَ مِن فَضْلِ اللَّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ) .. [آية 37 ,38 : سورة يوسف]
فـ بكده قدر يكسب عندهم نقطتين , منه طمنهم انهم يثقوا فيه وفي تفسيره , ومنه حببهم في دينه
فسّرلهم الرؤيا بإن واحد منهم هيتصلب ويموت والتاني هيعيش ويطلع براءة
بس ماحبش يحدد مين الي هيموت ومين الي هيعيش رأفةً بيهم
الحكاية إن الاتنين دول كانوا شغالين في قصر الملك , واحد منهم طباخ والتاني مسؤول عن السقاية
كانت تهمتهم انهم سمموا الملك , وكان هيتحكم في أمرهم فينجو أحدهم ويموت الاخر عن طريق الصلب لحد ما الطيور تاكله
سيدنا يوسف بعد التفسير وصّاهم إن الي يعيش منهم ويرجع القصر الملكي يبقى يجيب سيرته للملك ويحكيله عن حاله وإنه مسجون ظلم جايز الملك يرأف بحاله ويتأكد من مظلوميته فيصدر امر بالعفو عنه
لكن الراجل الي عاش ورجع القصر نسي , إتلهى في حياة القصر ومشاغل الدنيا ونسي السجن والي فيه
فـ فضل سيدنا يوسف كام سنة كمان في السجن .. (فَأَنْسَاهُ الشَّيْطَانُ ذِكْرَ رَبِّهِ فَلَبِثَ فِي السِّجْنِ بِضْعَ سِنِينَ) ..[آية 42 : يوسف]
وكأن ربنا كان حابب يعرّفه ان اللجوء لغيره مش هيفيده , كان حابب يفكّره ان هو وحده الي نجاه من البئر ومن بعدها من النساء وهو وحده بردو القادر ينجّيه من كرب السجن
فـ يُحكى إن جبريل نزل على سيدنا يوسف في السجن وقاله : يا يوسف من نجّاك من إخوتك؟ قال: الله. قال: من أنقذك من الجب؟ قال: الله. قال: من حررك بعد أن صرت عبدا؟ قال: الله. قال: من عصمك من النساء؟ قال: الله. قال: فعلام تطلب النجاة من غيره؟
بس ده بحد ذاته كان كرم من ربنا , إنه ماخلاش لحد الفضل عليه , ماخلاش نجاته في إيد حد غير ربه , عصمه من الاحتياج للناس وتفرّد بالإحتياج لله وحده
_
بعد سنين , في قصر الملك , كان الملك قاعد وسط الحاشية بتاعته بيحكيلهم حلم شافه وحاسس انه رؤيا وعايز الي يفسرها (وَقَالَ الْمَلِكُ إِنِّي أَرَى سَبْعَ بَقَرَاتٍ سِمَانٍ يَأْكُلُهُنَّ سَبْعٌ عِجَافٌ وَسَبْعَ سُنبُلاَتٍ خُضْرٍ وَأُخَرَ يَابِسَاتٍ يَا أَيُّهَا الْمَلأُ أَفْتُونِي فِي رُؤْيَايَ إِن كُنتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ) .. [آية 43 : سورة يوسف]
الحاشية مافسروهاش , جايز لأنهم ماكانوش عارفين , وجايز لأنهم كانوا حاسين ان تفسيرها وحش فماحبوش التفسير يجي من عندهم , الي حوالين الملوك في العموم بيبقوا مجموعة متملقة , او جبانة بتخاف تعارض الملك او تقوله حاجة تدايقه فيغضب عليهم ..
قالوله الحلم ده مجموعة احلام مختلطة ببعض فملهاش تفسير محدد .. الملك ماقتنعش و إضطر يدّور على حد من برا يكون بيفهم في تفسير الرؤى علشان دي رؤيا مهمة والظاهر انها كانت بتتكرر على الملك كتير
هنا واحد من الحاشية كان السجين الي كان مع سيدنا يوسف , إفتكر الحلم بتاعه وان يوسف فسّرهوله صح , وإفتكر كل الصفات الحلوة والحسنة الي كانت في يوسف وانه محل ثقة , فقال للملك مفيش حد هيفسرهولك غير يوسف
الملك بعت السجين ده لسيدنا يوسف في السجن , حكاله الحلم وطلب تفسيره
سيدنا يوسف ما ساومش التفسير بالخروج , ماقالهمش مش هفسرلكم غير لو خرجتوني , ولا فكّر بإن هما دول الحُكام الظالمين الي كانوا سبب في سجنه طول السنين دي
بالعكس بادر فوراً بإنقاذهم وفسّرهولهم , قالهم المعنى , و ما إكتفاش بالتفسير دا كمان قدّم حلول
قالهم مصر هيجي عليها 7 سنوات هيبقى فيهم المحاصيل كتير والخير وفير , لكن إوعوا تسرفوا , عشان بعدهم هيجي 7 سنين صعبين يقلّ فيهم الخير وتنعدم فيهم المحاصيل
الحل إنكم في الـ7 سنين الأولانيين تاكلوا على قدكم من غير اسراف , وتسيبوا الي ما استعملتهوش من المحصول زي ماهو في السنابل بتاعته علشان لو قشرتوه هيبوظ او هياكله السوس
كده انتهت رؤيا الملك , بس ما انتهاش تفسير يوسف , زاد على الرؤيا الي شافها الملك حاجة كمان هو ماشافهاش , بشّره انه هيجي عليه سنة فيها خير كتيييييير , تكتر فيه الزرع والميّة , تكبر فيه المحاصيل الزراعية لدرجة انهم يقدروا يعصروا السمسم والزيتون وياخدوا منهم زيوتهم .. وما إلى ذلك
ده كان علم خاص ربنا إختص بيه سيدنا يوسف , بُشرى يبشرّها الملك علشان لما تتحقق يكون لسيدنا يوسف مكانته الي يستحقها ويكرّموه من بعد الظلم و الاهانة
_
رآح الخادم للملك وحكاله الي قاله يوسف , إندهش الملك أوي ! إيه المسجون دا ! بيفسّر ويتوقع الي هيحصل ويوجههم للعلاج كمان من غير حتى ما يطلب أجر او مكافئة او على الاقل إخراجه من السجن!
امر الملك بإنهم يجيبوا يوسف , راحوا رُسل الملك ليوسف في السجن عشان يجيبوه , رفض , قالهم مش هطلع من هنا غير لما برائتي تظهر , ساعتها بس هطلع وانا رافع راسي , ارجعوا للملك واسألوه إيه حكاية الستات الي جرحوا ايديهم بسببي , خلّوه يحقق من جديد في الموضوع , ولما يعرف اني بريئ هطلع .. (ارجع إلى ربك فسئله ما بال النسوة الاتي قطعن أيديهن) .. [ آية 50 :سورة يوسف]
سيدنا يوسف كان فهم الدرس الي ربنا حب يعلمهوله ,فإطمئن قلبه بوجود ربه جنبه , ومابقاش فارق معاه وجوده في السجن من عدمه , مش مهم يخرج إمتى المهم انه لما يخرج يخرج بشرف رافع راسه , من غير ماحد يتمنن عليه بالإعفاء عنه بدون إثبات برائته!
رجعوا الرُسل للملك وقالوله الي حصل , بعت يجيب نساء الطبقة الراقية عشان يسألهم عن القصة من جديد , حب يعرف ايه التفاصيل قبل ما يدّي حكم في الموضوع , قالوله حاشا لله ماشوفناش منه اي حاجة وحشة , (قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ).
هنا نطقت زوجة العزيز , بعد كل المحاولات اليائسة الي حاولتها فقدت الامل منه لكنها لسه متعلقة بيه , ربنا أظهر الحق بإعترافها هي على نفسها , قالت يوسف كان صادق انا الي حاولت اغويه (أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ)
اعتراف كامل وصريح بدون اي ضغوط او خوف , من اسباب الاعتراف ده انها حبت تحسّن صورتها في عين الراجل الي أهان كبريائها ورفضها مرات كتير , كانت بتحاول تقوله انا مش وحشة للدرجادي , بتحاول تخليه يحترمها ويصحح فكرته عنها , (ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ) .. قالوا إن جايز يكون المقصود هو جوزها , عشان يعرف إنها بإعترافها إنها راودت يوسف عن نفسه كانت مجرد نيّة لكن مااتحولتش لفعل , فهي ماحصلش منها فعل الخيانة لجوزها
وقيل لأ دي كان قصدها يوسف , عشان يعرف إني ماخونتوش في غيابه وإني اعترفت بإنه بريئ رغم عدم وجوده
تبتدي تأكد كل الي حصل فعلا والي كان بيقوله يوسف وهي اتأكدت منه بعد كل الي جرى (وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ)
(وَمَا أُبَرِّىءُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ). .. الآيات دي وخصوصاُ الآية الاخيرة بتوحي انها اعتنقت دين يوسف! .. سجن يوسف كان نقلة كبيرة في حياتها
علمها درس كبير وخلاها تؤمن بربه الي مخلّيه صابر ومطمّن وهادي رغم مروره بكل الابتلاءات دي
فكان سجن سيدنا يوسف هو خير ليه وليها , وطريق وصلّه للمُلك
صدر الأمر الملكي بالعفو عن سيدنا يوسف
لما الملك شاف كل ده عرف انه قدام راجل كريم , مابيسعاش لملك , عالم , صادق , صابر , أمين , فـ طلبه يجي عنده , مش عشان يشكره ويثني عليه , إنما كان غرضه أكبر من كدا .. كان عايزه يبقى مستشار ليه ..
كان رد سيدنا يوسف رد غير متملق وغير مهتم بالسلطة , إنما اهتمامه كان بالمسؤولية , فـ وضّح للملك الحاجات الي يقدر يشيل مسؤوليتها في الازمة الجاية , وطلب منه انه يوّكلها ليه من غير زيادة او نقصان علشان يبقى قد الأمانة
الملك إنبهر! .. هو الي متعود دايما على المتملقين , الي بيكون رد فعلهم الاول هو الفرحة العارمة و الشكر العظيم للملك , داحنا خدامينك وتحت امرك! .. كان الملك أول مرة يشوف حد بالأمانة دي
لما سيدنا يوسف شاف إقتناع الملك زاد بيه , إبتدا يتشجع أكتر انه ياخد مسؤولية الموضوع من غير ما يخاف من ان الملك يفتكره طمعان .. قال (اجْعَلْنِي عَلَى خَزَآئِنِ الأَرْضِ إِنِّي حَفِيظٌ عَلِيمٌ).
ماكنش الغرض هنا هو الطمع , بالعكس دا مُتحمّل مسؤولية إطعام شعوب هتجوع لمدة 7 سنين , والشعب لو جاع قادر إنه يقتل الحُكام .. الموضوع كان حقيقي تضيحة من سيدنا يوسف
مسؤولية كبيرة ومش اي حد يقدر يتحملها , ولا أي حد يقدر يديرها إدارة حسنة
وبـ كده يكون ربنا حوّل حاله من السجن والظلم والاهانة , لـ المُلك والعز والكرامة
..